+ A
A -
من المؤلم والمفزع موت إنسان ظلمًا وعدوانًا، ومن المروع موت مجموعة من البشر بسبب الفساد والإهمال من قِبَل الجهات المنوط بها بذل الجهد والوقت والأموال- أموال الشعب- للحفاظ على حياة الناس وتيسير سبل المعيشة لهم في الدولة التي ينتمون إليها، من المحزن أن يصبح خبر الموت نفسه خبرًا عاديًا مهما كانت بشاعة الطريقة التي مات بها هذا الشخص أو تلك المجموعة وردة الفعل الغاضبة من جموع الشعب.
فقد أصبح هذا خبرا اعتياديا متكررا بصفة يومية فقط تختلف الوقائع والأسباب وعدد الضحايا ولكن النتيجة واحدة، وما يدفع للإحساس بالقهر والغضب حين يكون الجاني معروفا للجميع وتجد أجهزة الدولة برمتها تتناسى هذا وتعمل بكل السبل الوسائل لنفي التهمة عنه ونسبها لأي طرف عداه ولو كان هذا الطرف هو المجني عليه والضحية، لكن هذا الأمر يصبح من البديهيات عندما يكون نظام الحكم شموليًا قمعيًا واستبداديًا، عندها يكون الحاكم الفرد هو آخر من يمكن أن يكون مسؤولًا عن هذه الكارثة أو تلك، فهو يبذل قصارى جهده لكن التركة ثقيلة والمشاكل متراكمة ومعقدة والسبب فيها الأنظمة التي سبقته وقوى الشر التي تعطل مسيرة النجاح التي لا يراها غيره ومن يأتمرون بأمره، حتى لو كان هو من يسيطر ويحكم الدولة وكافة مواردها تحت يده ورهن إشارته ورغبته منذ عدة سنوات وليس بالأمس القريب.
لا يختلف اثنان لديهما شيء من العقل والضمير على أن مصر في ظل حكم عبدالفتاح السيسي أصبحت جمهورية الموت العسكرية بامتياز، لا تفرق في بطشها وإهمال أجهزتها وقطاعاتها الخدمية بين مؤيد ومعارض أو صامت فالكل معرض للموت والتنكيل به في أي لحظة ولأي سبب وفي أي مكان، فمن الموت نتيجة الحرق في انفجار قطار كما حدث الاسبوع الماضي في محطة قطار رمسيس، أو الموت برصاص الجيش أو الشرطة والتهمة جاهزة ومعلبة كما يحدث بصفة مستمرة، إلى الموت نتيجة الإهمال الطبي في المستشفيات الحكومية أو خلف جدران السجن والمعتقل وإن اشتكيت للقضاء فالويل لك فمن يقوم بمحاكمتك هو الخصم والحكم في آن واحد، وسينتهي بك الأمر متدليًا على أعواد المشانق، وإن أنت وجدت سبيلًا إلى الخروج من مصر فقد تموت في اليوم ألف مرة من الخوف والقلق على من تركتهم وراءك أسرى في قبضة نظام فاشي لا يتورع عن التنكيل بكل ما ومن يمت لك بصلة لو كنت من المطالبين بالحرية لك ولوطنك من نير الحكم العسكري الذي وصل بعد انقلاب 3 يوليو إلى درجة من الظلم والدموية والتوحش لم تخطر على بال أكثر الناس تشاؤمًا.
أعلن الزميل الإعلامي «معتز مطر» يوم الإثنين عن اختفاء اثنين من أشقائه مع زوجتيهما و4 من أبنائهما عقب خروجهم من بوابة النادي الأهلي في مدينة نصر بالقاهرة بعد يوم واحد فقط من إعلانه أن قوات الأمن شنت حملة مداهمات على منازل عدد من أفراد عائلته، مساء الأحد، من بينهم منزل والدته ومنازل أشقائه بمحافظة القاهرة، وجاء هذا إثر تدشينه وإطلاقه لفكرة ثورية قام بها عبر برنامجه «مع معتز» دعا فيها جموع الشعب للانتفاض ضد القمع والحكم العسكري عبر حملة شعارها «اطمن انت مش لوحدك» تهدف لكسر الخوف وجمع طوائف الشعب بعد أن وجد النخب السياسية المنوط بها القيام بهذا الدور قد انشغلت أو تشاغلت عن واجبها في حشد الشعب للثورة على النظام العسكري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن يقف فعليًا على حافة الانهيار ويقوم نظام السيسي وداعموه بإغراقه في كافة المجالات ليتم تقسيم مقدراته والسيطرة عليه وإبقاؤه رهينة لرغبات الكفلاء ومندوبهم في سدة الحكم.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
07/03/2019
1469