+ A
A -
جاء هذا إثر تدشينه وإطلاقه لفكرة ثورية قام بها عبر برنامجه «مع معتز» دعا فيها جموع الشعب للانتفاض ضد القمع والحكم العسكري عبر حملة شعارها «اطمن انت مش لوحدك» تهدف لكسر الخوف وجمع طوائف الشعب بعد أن وجد النخب السياسية المنوط بها القيام بهذا الدور قد انشغلت أو تشاغلت عن واجبها في حشد الشعب للثورة على النظام العسكري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن يقف فعليًا على حافة الانهيار ويقوم نظام السيسي وداعميه بإغراقه في كافة المجالات ليتم تقسيم مقدراته والسيطرة عليه وابقائه رهينة لرغبات الكفلاء ومندوبهم في سدة الحكم،
وانغمست النخب والفصائل السياسية المعارضة في صراعاتها وخلافاتها مع بعضها البعض وهو ما أدى بالفعل لفقد غالبية قطاعات الشعب ثقته فيها وتلاشت مصداقيتها أو كادت بعد أن قل تأثيرها على الأرض -إلا من رحم ربي- ومن يحاول القيام بدور فاعل لتوحيد الصفوف يتم إبعاده وتهميشه فقد طغت المصلحة الحزبية والأيديولوجية على المصلحة الوطنية لدى الكثيرين، وتم تنفيذ الحملة التي دعا إليها مطر عبر اطلاق الصافرات والنقر على الأواني أو ما تيسر والكتابة على العملات الورقية دون الحاجة للخروج الشوارع وما يتعرض له من يفكر في التظاهر أو الاعتراض في ظل قبضة أمنية وحشية لنظام لا يرحم وحتى لا يشعر كل فرد يتوق للحرية أنه بمفرده، وأدى النجاح الملحوظ للحملة وانتشارها في كافة ربوع مصر حرفيًا إلى جنون النظام وأذرعه الأمنية والإعلامية الذي وجد نفسه عاجزًا عن السيطرة عليها فالفكرة تم تنفيذها بطريقة تجعل النظام يسمع أصوات منفذيها ويقرأ عباراتهم المعترضة والرافضة لاستمراره دون القدرة على رؤيتهم أو استهدافهم، ليقوم النظام بالانتقام من عائلة مطلق الحملة في تصعيد جديد أقل ما يوصف به هو الخسة والنذالة والفجر في الخصومة السياسية، تلك هي مصر السيسي أو هكذا أريد لها أن تكون حتى ينسى أهلها مطالب الحرية والكرامة ويفكر كل فرد فيها مرارًا وتكرارًا قبل أن ينطق بأي حرف من حروف تلك الكلمات التي تؤرق وتزعج أي نظام سلطوي (الحريات والحقوق والعدالة).
هل هذا هو فرد الأمن التابع لنا؟ لا يا افندم ده راكب «مواطن» عادي، ما سبق كان مضمون حوار قصير بين ضابط ومرافق له أثناء مشاهدتهم وهم يقومون بتفريغ كاميرات المراقبة لشخص من ضحايا انفجار القطار في محطة رمسيس وهو يحترق، هكذا وبكل بساطة ما دام مواطنا عاديا فلا بأس أن يموت محترقًا فقبل الحرق بنار الانفجار احترق هذا المواطن المسكين المغلوب على أمره بنار الغلاء والاهمال والتهميش وامتهنت انسانيته وهانت روحه، فمحطة القطارات الرئيسية والأكبر في البلاد لا توجد فيها أدنى معايير الأمان والسلامة وخلت من وسائل مكافحة وإطفاء الحرائق وإن كانت تعج بكاميرات المراقبة، وهذا ديدن الأنظمة العسكرية والشمولية فهي سخية كريمة في الإنفاق على ما يعد ويحصي الأنفاس والكلمات، بخيلة مقترة في الإنفاق على ما يحمي ويصون الأنفس والممتلكات، منذ عامين تقريبًا وفي مؤتمر للجنرال الملهم تم عقده بمحافظة قنا جنوب مصر في 14 مايو 2017 رفض طلب وزير النقل لانفاق 10 مليارات جنيه لتطوير قطاع السكة الحديد، وللمصادفة جاء المؤتمر الصحفي بعد يوم واحد من حادث قطارين في منطقة خورشيد بالإسكندرية تسبب في وفاة 49 مواطنا مصريا وإصابة أكثر من 140 آخرين، وكان رد الجنرال بعقلية التاجر «العشرة مليار دول لو حطيتهم في البنك هاخد عليهم فايدة 10% يعني مليار جنيه في السنة وبفايدة الأيام دي هاخد 2 مليار»، بل ذهب لأبعد من هذا وطالب برفع أسعار تذاكر القطارات وهو ما تم مرات عدة، وهذا هو المعتاد حين تحكم الأنظمة العسكرية والشمولية فما يهمها ويشغلها كيفية الحصول على الأموال من الشعب ومقدراته دون الانفاق على خدماته ومتطلباته.
كل ما حدث ويحدث من ردود فعل شعبية عندما تصيب الوطن كارثة يذهب فيها ضحايا ليس لديهم انتماء سياسي لهذا الفصيل أو ذاك يؤكد أن الثورة باقية وجذوتها مشتعلة تحت رماد الصمت المؤقت حاليًا، يزداد خصوم ومعارضي النظام العسكري يومًا بعد يوم، تعددت أسباب معارضتهم وتنوعت دوافعهم لكن يجمعهم في نفس الخانة أن الخصم العسكري واحد ومعروف وكل ما يحدث من ديون ومشاكل وكوارث وتقهقر في كافة المجالات نتيجة مباشرة لسياساته ونهجه، ويجمعهم أيضًا افتقادهم لمن يوحدهم ويبث في نفوسهم الثقة أن السد والعائق الوحيد بينهم وبين ما يستحقونه من حرية وعدالة اجتماعية وعيش كريم دون أي تفرقة بين طبقات الشعب وكافة طوائفه هو النظام العسكري ولا أحد غيره.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
08/03/2019
1479