+ A
A -
أصبحت اليمن مقسمة بين سلطتين إحداها في صنعاء غير معترف بها دوليًا والأخرى في عدن تحت رئاسة عبد ربه منصور هادي معترف بها دوليًا وتساندها قوات التحالف السعودي-الإماراتي أصحاب المطامع الواضحة في اليمن والشرعية وحقوق الشعب اليمني مجرد ستار لتدخلها ليس أكثر دون قدرة أي طرف على حسم المعركة لصالحه..
والنتيجة بلد ممزق يعاني أهله من المجاعة والأمراض المتنوعة، ونزحت أعداد كبيرة منه داخليًا وخارجيًا، ووضع اقتصادي وأمني متردٍّ وسط دعوات تنادي بانفصال الجنوب، وفي الخاتمة السيناريو السوري وهو أسوأ السيناريوهات وأبشعها وأكثرها دموية ووحشية، فقد بدأت الأحداث كأي ثورة شعبية سلمية تطالب بالحرية والكرامة الإنسانية، وظلت هكذا في الأشهر الستّة الأولى رغم سقوط العديد من الشهداء والجرحى، ثم ما لبثت أن تطورت مع تزايد وتيرة القمع والقتل من قبل النظام إلى صراع مسلح وحرب شعواء تدور رحاها حتى الآن وإن خفت وتيرتها بشكل كبير واختلفت تحالفاتها وأهدافها أكثر من مرة مخلفةً وراءها مئات آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين داخليًا واللاجئين خارجيًا.
وتحولت سوريا إلى ساحة حرب على أساس عرقي وطائفي ومذهبي ومسرحًا لتصفية الحسابات بين القوى العالمية والإقليمية في معضلة الشعب السوري هو الخاسر الوحيد فيها مهما كانت نتيجة تلك الصراعات والحسابات.
في النهاية يتضح أنه قد تختلف السيناريوهات على الأرض لكن تبقى المعادلة والأهداف نفسها قائمة مع اختلاف الأساليب والوسائل والأدوات وأن القوات المسلحة وخاصةً في الحالة المصرية وهي المنوط بها حماية الشعب وحدود الدولة ومقدراتها تحولت إلى الأداة التي يتم بها حكم الدولة والسيطرة على ثروات الشعب وسحق حقوقه وأصبح قادتها بمثابة سماسرة يتاجرون بكل شيء للحفاظ على امتيازاتهم ومكاسبهم ويختبؤون خلف حاكم يعلم ويعلمون علم اليقين أن لا بقاء له دون دعمهم.
ويكمن الاختلاف في خلفية الحاكم المستبد، على سبيل المثال في السودان كان البشير حاكما مستبدا خلف ستار إسلامي وفي تونس كان بن علي حاكما مستبدا خلف ستار علماني وفي الجزائر حاكم مستبد خلف ستار ثوري وهكذا، وأن طغاة العرب في بلدان الربيع العربي قد اتفقوا على الاستبداد واختلفوا فقط في اختيار الواجهة التي يختبئون خلفها، والسبيل الوحيد لتغيير هذا هو إدراك جميع الأحزاب والحركات السياسية بمختلف توجهاتها أن النجاة تستلزم وحدتها حتى يتم انتزاع حقوق الشعوب وحرياتها وإزاحة الأصنام العسكرية وتأسيس حياة سياسية سليمة يتم الاحتكام فيها لقواعد الديمقراطية ويكون الشعب هو منبع قواعدها وقرارتها حينها فقط يمكنهم الاختلاف ويسعي كل توجه للوصول لسدة الحكم في ظل أنظمة تكون فيها الجيوش حماة للحدود وليست هي المحددة لمن يكون في سدة الحكم وعلى رأس الدولة والشعب بكافة طوائفه وتوجهاته خارج المعادلة.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
20/04/2019
1652