+ A
A -
إعلان البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء على لسان سارة ساندرز المسؤولة الإعلامية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا أجنبيًا وذلك بالتنسيق مع قادة بعض الدول العربية وإن الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية، وجاء هذا الإعلان بعد عدة تقارير صحفية أميركية في وقت سابق أشارت إلى أن هذا جاء في صيغة طلب تقدم به الجنرال الانقلابي عبدالفتاح السيسي أثناء زيارته لواشنطن خلال اجتماع خاص جمعه مع ترامب في التاسع من إبريل الماضي في خطوة تصعيدية أقل ما توصف به بالخطيرة والمتعددة العواقب والمآلات لو أكملها ترامب وقامت إدارته بإصدار قرار كهذا من شأنه تعقيد الوضع في الشرق الأوسط برمته ومناطق أخرى من العالم ومصر بشكل خاص وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها ويخلط الأوراق ويفجر قنبلة جديدة في منطقة مشتعلة بالحروب والنزاعات والصراعات المتعددة الأطراف من الأساس.
وقبل الدخول في تفاصيل تبعات هذا القرار الأرعن -لو صدر- هناك عدة نقاط يجب الانتباه إليها وهي بالطبع لا تغيب عن الإدارة الأميركية المنقسمة على نفسها كعادتها من صعود ترامب لسدة الحكم رسميًا في يناير 2017، فبينما تشير مصادر عدة إلى أن مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو يؤيدان التصنيف ويعارضه مسؤولون في وزارة الدفاع «البنتاغون» ودوائر أخرى في عجيبة أخرى من عجائب حقبة ترامب حين تجد الدوائر العسكرية والاستخباراتية تدرك عواقب القرار السياسي أكثر من السياسيين أنفسهم وربما يعود هذا إلى الحذر المتصاعد داخل تلك المؤسسات نظرًا لما أثير حول ظروف انتخاب ترامب وشبهة التدخل الروسي في عملية الاقتراع هذا من ناحية وطريقة إدارته وتولي أفراد من عائلته -ابنته ايفانكا وزوجها جاريد كوشنر اليهوديان- لمناصب حساسة كمستشارين للرئيس وتدخلهما كثيرًا في القرارات التي يتخذها ترامب بطريقة لم تتعود عليها دوائر الحكم الأميركية من ناحية أخرى.
طبعًا الأمر لا يحتاج الكثير من الفراسة أو الدلائل لمعرفة تلك الدول العربية التي تشاور معها ترامب فبجانب مصر العسكر هناك دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكمها الفعلي محمد بن زايد العدو الأشرس لثورات الربيع العربي عراب الثورة المضادة والانقلابات وخصم الإخوان المسلمين اللدود والسعودية الجديدة الواقعة تحت سلطة محمد بن سلمان وهي الممول والداعم الأكبر للانقلاب العسكري في مصر على رئيس منتخب ينتمي للجماعة ثم البحرين حقل تجارب وبالون الاختبار السعودي-الإماراتي لأي قرار يراد معرفة تأثيره وتوابعه على الساحتين السياسية والشعبية في المنطقة العربية، والرباعي نفسه هو من يقود قطار التطبيع مع العدو الصهيوني ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية بأي شكل من الأشكال وربما يكون محاولة استصدار قرار كهذا من أميركا- ترامب تأتي ضمن المخطط لإرباك المشهد والمزيد من التقييد لحركة أكبر جماعة وفصيل سياسي في المنطقة العربية وتأتي مقاومة العدو الصهيوني في أولوياتها ورسخته أدبياتها وحمل أفرادها السلاح لمقاومته في حرب فلسطين وتستلهم أكبر حركات المقاومة الفلسطينية نهجها من المدرسة الفكرية لجماعة لإخوان المسلمين وإن نفت ارتباطها بها من الناحية التنظيمية.
النقاط التي يجب الانتباه إليها أننا لا نتحدث عن تنظيم محلي محدود أو حزب سياسي معروف ومحدد في دولة بعينها، بل نتحدث عن كيان متشعب وتنظيم في غاية التعقيد ولا يمكن حصره في الجانب السياسي فقط فهناك جوانب أخرى منها الاقتصادي والاجتماعي والدعوي، نتحدث عن جماعة منظمة لها تاريخ يمتد على مدى عقود عدة منذ عشرينيات القرن الماضي وغير معروف عدد أعضائه بالتحديد وهي ميزة وعيب في الوقت ذاته.
{ (يتبع)
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
02/05/2019
1673