+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 898م توفي «المُبرد» أحد جهابذة اللغة العربية على مرِّ العصور، اسمه الحقيقي محمد بن يزيد، أما المبرد فلقب لحق به لجماله وحُسن وجهه!
جمع المبرد أكثر من ضرب من ضروب اللغة، كان نحوياً فذاً، ولعله أعلم العرب بالنحو بعد سيبويه، وكان يحفظ أشعار العرب وأخبارهم، فكان فوق براعته النحوية من أهل الحكايا والأخبار، ومما يروي، قال:
كنتُ عند ابن الماجشون فجاء بعض جلسائه وقال له: يا أبا مروان، أعجوبة والله:
خرجتُ إلى بستاني بالغابة، فتعرض لي لص فقال: اخلعْ ثيابك
قلتُ: لِمَ؟
قال: لأني أخوك وأنا عريان!
قلتُ: فتعريني؟
قال: قد روى مالك أنه لا بأس أن يغتسل الرجل عرياناً!
فقلتُ: دعني حتى أدخل بستاني فأبعث بها إليك
قال: كلا، إنما تريدُ أن تبعث إلىّ عبيدك فيمسكوني!
قلتُ: أحلف لك
فقال: رُويَ إلينا من غير واحد أنه لا يمين على المُكره
فقلتُ: واللهِ لأبعثنَ لك بها طيبة من نفسي مع هدية
فتفكر قليلاً ثم قال: تصفحتُ أمر اللصوص من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا فلم أجد لصاً أخذ ربا، فأكره أن أبتدع!
فخلعتُ ثيابي له!
الشاهد في القصة أن العلم شيء والتقوى شيء آخر، فاللص كان يعرفُ الأحاديث، ويُحدث عن الربا!
الأمر لا يختلف عندنا كثيراً، اليوم تجد العاق لو اعتلى منبراً لحدثك بآيات وأحاديث عن البر، ولصاً يحفظ أشعاراً عن الأمانة، علم بلا تقوى ولو كان العلم وحده يكفي ما ذمَّ الله أحبار ورهبان أهل الكتاب، ولو تأملنا قليلاً لعرفنا أن إبليس أعلم الناس بالحلال والحرام، فرزقنا الله وإياكم العلم مع العمل والعمل مع التقوى!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
13/05/2019
1910