+ A
A -
إيران تدعم المقاومة الفلسطينية، وتقف على النقيض من موقف مصر الذي يتبنى وجهة النظر الأميركية في حل القضية الفلسطينية، وتتبدل مواقفها تبعًا لمنحنيات قراراته حول هذا الحل وإن كان مبارك ناجحًا لحد كبير في اللعب بكارت القضية الفلسطينية والمقاومة من حيث تمكنه، نظرًا للموقع الجغرافي في المقام الأول في اللعب به لصالحه للخروج بمكاسب لنظامه دون خسارة هذا الدور لأي قوة إقليمية أخرى واحتفاظه بعلاقات متوازنة مع أطراف الصراع المتعددة. وفي الوقت نفسه، كان ينظر بعين الحذر إلى إيران لما لها امتدادات في دول عدة في المنطقة، وخرجت بربح واضح من صراعها المستمر مع العراق، خصوصًا بعد الغزو الأميركي لأراضيه في 2003. واستغل العسكر هذا الخلاف المستمر مع إيران أحسن استغلال في طريقهم نحو استهداف الثورة المصرية والانقلاب عليها، فعندما قام الرئيس أحمدي نجاد بزيارة مصر في فبراير 2013 في أول زيارة لرئيس إيراني منذ قيام الجمهورية الإسلامية، عمل الإعلام على تصوير تلك الزيارة كأنها فتح شيعي لمصر، وكان هذا الهجوم بإيعاز من السعودية بشكل أساسي وتجلى في ثنائية الهجوم من قبل الإعلام الموالي للدولة العميقة والتيار السلفي المنافس لجماعة الإخوان المسلمين وزاد عليه الاستقبال الفاتر من قبل شيخ الأزهر للرئيس الإيراني، ونجح هذا المسلك في تفريغ الزيارة من أي مضمون فعلي قد ينجح مستقبلًا في كسر جمود العلاقات. ورغم خطاب الرئيس مرسي القاطع في طهران، لم ينجح هذا في ثني السعودية عن مساعيها في دعم الانقلاب العسكري، بل زاد عليه كونه خسر إيران، ولم يكسب السعودية، وبعد الانقلاب والترحيب الإيراني وزيارة شخصيات دينية من المحسوبين على النظام العسكري التي كان من الواضح أن هدفها هو ضمان استمرارية الدعم السعودي لنظام السيسي عبر التلويح بورقة العلاقات مع طهران والتي لم تتقدم على فعليًا أرض الواقع، ولكنها تبقى ورقة مزايدة يمكن استغلالها بحيث يتم قطع ما هو مقطوع من الأصل والأميركان ومن خلفهم السعوديون ليسوا بالغباء ليمنحوا السيسي ولو حتى برقية شكر على تصرفاته تجاه طهران. فتحالف السفاري الجديد والعامل على استئصال ثورات الربيع العربي الذي أتى بالسيسي إلى سدة الحكم والرامي إلى كبح رغبات ومخططات روسيا بوتين الطامع في عودة المجد السوفياتي والوثيق العلاقات مع إيران، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل أي علاقات طبيعية بين الدول العربية وإيران ما من شأنه اختفاء فزاعة مهمة للحليف الأميركي يستخدمها على الدوام، لضمان تواجده في المنطقة العربية واستمرار المكاسب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهو ما يحتم بقاء العلاقات المصرية - الإيرانية على وضعها الحالي «حبة فوق وحبة تحت»، فلا علاقات كاملة ولا قطيعة كاملة.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
13/07/2019
2527