+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 833 م توفي «ابن الجزري» شيخ قُرّاء الشام في عصره، حفظَ القرآن ابن ثلاثة عشر عاماً، وأمَّ الناس فيه وهو ابن أربعة عشر عاماً، ترك خلفه تسعين مُؤلَّفاً، على أنّ مؤلّفاته في التجويد وفنون القِراءات هي أشهرها، وبهذا المجال عُرف ابن الجزري، رحمه الله.
يقول الإمام ابن الجزري عن إحدى رحلاته:
استأذنتُ والديّ في العودة إلى الديار المصرية، فلم يسمحا بفراقي، فمكثتُ في الشام!
والقصة أن ابن الجزري إمام القُرَّاء في زمانه كان قد زار «مصر» ثم عاد إلى الشام، فتاقتْ نفسه مرة أخرى إلى مصر، فاستأذن والديه، فلم يأذنا له، فبقي في الشام!
يا لهذا البِر، ويا لهذا الابن، على علو قدره بين الناس، إلا أنه كان يتعامل مع أبويه كأنه ما زال صغيراً يجب أن يستأذن قبل أن ينطلق، ولم يكن الاستئذان من باب جبر الخواطر، بل كان طلباً رسمياً، فلمّا لم يحصل عليه ألغى فكرة السفر كلها!
والشيء بالشيء يُذكر، يقول الإمام الذهبي النبيل صاحب التحفة سير أعلام النبلاء:
اشتقتُ إلى شيخي الفاضلي، وازددتُ تلهُّفاً لِلُقياه، ولكن الوالد لم يُمكِّنني من السفر!
الذهبي، مالِئ الدنيا علماً، الفقيه الذي يأتيه الناس من البلاد البعيدة لِلُقياه، والمُؤرِّخ الذي يطلبه الخلفاء، والمُحدِّث الذي لا يستغني عنه الفقهاء، يترك السفر لأن الوالد لم يأذن!
الله الله في الوالدين!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
27/11/2019
2018