+ A
A -
«ما يهذري المهذري إلا من حر السخونة».. مثل خليجي معروف ويعني أن المصاب بارتفاع في درجة الحرارة يصل لمرحلة يبدأ معها في الهذيان والهذرة التي تتحول إلى ثرثرة بلا معنى وبربرة بلا إقناع، وهذا هو حال «محور الفبركة والدمبكة» إذ يواصل في تزييفه وتحريفه وتأليفه بفشل ذريع يشهد به الجميع، بحثا عن مخرج أو قشة تبرر له أفعاله أو تؤكد أقواله التي ما زالت حتى اللحظة تخاريف في شهر الصيام تفتقد للأدب والاحترام، لا تليق بأخلاق العرب والمسلمين، ولا تعدو كونها خشخشة بلا تأثير وجعجعة بلا طحين!
«البعرة تدل على البعير.. والأثر يدل على المسير».. وهذا مثل عربي يربط الأشياء ببعضها البعض للتعرف على اتجاهات الأحداث والاستدلال بها.
والبحرين قررت ركوب «الموج» وكسرت حاجز الصمت لتمشي في نفس «الرستة» التي خطتها لها الشقيقة الكبرى.. لكن نخشى عليها من ارتداد الأمـواج عليها فتغرق أو تقذفـهــا لصحراء النفود فـ «تغرّز».. خاصة أن البحرين «دنقل» ولا تعرف البراري والطعوس والتفحيط السياسي!
شخصيا لم استغرب من تصرف البحرين ولن اقترح على جمهور تويتر إطلاق هاشتاق «معذورة - يالبحرين».. فهي قدمت نفسها طوال تاريخها الحديث على أنها صدى من غير صوت وريتويت بلا تغريد، ولا تقدّر المواقف ولا تحفظ الجميل.
ونحن نقول هذا الكلام ليس من باب المنّة لا سمح الله، فالشعب البحريني إخوة لنا وما يضيف لهم يزيدنا، ولكن نذكرها من باب سرد الحقائق.. والتي لا يتسع المجال لذكرها أو حصرها ويشهد بها المواطن البحريني ويعلم تماما موقف قطر قيادة وشعبا مع بلاده في كل الأزمات التي مرّ بها.
ومن مواقفها المذكورة والمشهورة، تدخلها الحكيم لنزع فتيل الأزمة التي اشتعلت في البحرين في 2011 وكادت تعصف بمدنها وتشعل النار في أرخبيلها المنفصم في شخصيته والمختصم مع حكومته.
وجاء التدخل القطري بعلم ملك البحرين ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل رحمه الله وبتنسيق مباشر مع معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق.
وللتأكيد على هذا القول وفي حوار مع قناة العربية بعد نهاية الأزمة أثنى وزير الخارجية البحريني على الجهود القطرية المميزة وتحدث عنها بكل إيجابية ولم يتطرق لأي ممارسات أو سلبيات أو ترسبات حول هذه القضية.
وأعقبتها زيارات متكررة للقيادات البحرينية وآخرها لولي العهد ورئيس الوزراء في الربع الأول من هذا العام مما يدل على أن العلاقة كانت صافية لا تشوبها شائبة.
تسريب مضروب !
اليوم.. ومن أجل المشاركة في الحفلة بأي مشهد حتى لو كان «كومبارس» للحصول على نصيب من «الشرهة» تفتش مملكة «التسريب» في سجلاتها وأرشيفها القديم بحثا عن أي ورقة أو تسجيل لتعبث به وتجتزئ منه وتفبرك فيه وتقرصن عليه قبل أن تقدمه للرأي العام لعله يشفع لها أو يشفي غليلها.. فلم تجد سوى مكالمة منسوبة لسعادة السيد حمد بن خليفة العطية مستشار سمو الأمير إبان أزمة دوار اللؤلؤة التي كادت تدخل «البحرين» في مشاكل لا حصر لها قبل أن يعثروا على الحل السحري وهو بإزالة الدوار وليس بالجلوس على طاولة الحوار..!
وعودة للتسجيل الذي ظهر فيه «بوخليفة» بمظهر الساعي لنزع فتيل الأزمة واحتواء التوتر والحفاظ على السلم تماما كما هو الموقف القطري الذي يعزز لغة الحوار في الخلافات السياسية ويرفض نهج العنف والتطرف وأساليب التخلف، وكان يتحدث بلغة رصينة موضحا أن الشعب البحريني سواسية لا فرق بينهم رغم أن قطر دولة سنيّة لكنها لا تعامل الدول ولا الشعوب بمقياس طائفي ولا بمنظار طبقي، بل تنظر إليهم بعين العدل والحياد والإحسان.. وتعاليم الإسلام.
لذلك كان حديث المستشار حمد بن خليفة العطية مع النائب البحريني حسن علي محمد جمعة سلطان في وضح النهار ومن هواتف عادية غير مشفّرة وتعامل مع ملف الوساطة كما قال مؤسس قطر طيّب الله ثراه: «وعاملت أنا بالصدق والنصح والنقا» ولو كان لـ «المستشار» أي نوايا أخرى كما يزعمون ويهذرون لكانت هناك عدة طرق يعرفها الأشخاص العاديون فما بالك بالدول التي تمتلك أجهزة وتقنيات في عصر تكنولوجي متطور «رغم أن هذا السلوك ليس من شيمنا أو أخلاقنا التي تربينا عليها».. لكن ماذا عسانا أن نقول مع هؤلاء القوم الذين يعبثون بالحق من أجل الباطل، ويزينون الكذب على حساب الصدق، يقتاتون على الفتنة والبهتان وكل ذلك يحدث في رمضان.. الشهر الذي أنزل فيه القرآن.
بمجرد ذكر اسم ملك البحرين ووزير خارجية السعودية ورئيس وزراء قطر هذا بحد ذاته ينسف تهمة التآمر في التسجيل ويقلب الطاولة عليهم بأن هذا الأمر معلوم لدى السلطات وموثق في جميع الملفات.
وعموما.. اليوم المجتمعات تتمتع بوعي كبير وقادرة على فرز الأمور والتحقق والتدقق من كل ما هو غث أو سمين ومما هو باطل أو صحيح..
ومن تابع التسجيل ودون أن يكون محاميا أو لديه مؤهلات أو ثقافة قانونية سيكتشف منذ الوهلة الأولى أنه أخرج من سياقه ولعب في مضمونه ويسير على نفس طريق القرصنة والفبركة التي تنتهجها دول الحصار..
وبعيدا عن هذا وذاك يكفي أن نذكر نقطتين لنسف جبهة «معدّ الفكرة» وهي أنه في أي قضية لا بد من النظر إلى «التوقيت» وفي أي تسجيل لا بد من الرجوع إلى الأصل وليس التقطيع، ولأن البحرين فشلت في الترقيع بقضية «التسريب» فإنها سجلت في رصيدها قضية خاسرة تضاف إلى فشلها السابق مع قطر في قضايا فيشت الديبل وجنان والزبارة والمياه الإقليمية.. وغيرها!
إن كانت ذاكرتهم مثقوبة أو فيها تسريب أو تنسيم سنعيد عليهم شريط الحقائق والوثائق الذي اذاعوه بأنفسهم في تليفزيونهم الرسمي في شهر نوفمبر 2011 عندما أكدوا أن قطـر أحبطت محاولة إرهابية لتفجير منشآت حيوية في البحرين مقدمين لها الشكر الجزيل ومقدرين لها هذا العمل الجليل لتمكنها من ضبط العصابة الإجرامية قبل تنفيذ مهمتها الشيطانية..
اذن كيف لـ «قطر» أن تقوم في أول السنة بزعزعة أمن البحرين .. وفي آخر السنة تحرسها وتدافع عنها وعن أمنها..؟!
«هاي ما ترهم .. صح لو لا»؟!
فلماذا تصدقون الأوهام وكأنكم تعيشون فــي الأحلام..؟! ويبدو أن العدوى أصابتكم بـ «فوبيا» الإرهاب مما جعلكم تركضون وراء السراب .. على طريق التسريب وتصديق الأكاذيب!
كما يسجّل هذا الفشل في الشكل والمضمون والتوقيت لـ «محور الفبركة والتجسس والتلصص» بقيادة «دليم المفلس»، ويضاف إلى ما قبله من تزوير وقرصنة وطعن في الأنساب وانتهاك الأعراض وقطع الأرحام ومنع العمرة في بيت الله الحرام.
ونتوقع أن تستمر هذه الحملة المراهقة لأن الصفات التي من الممكن أن توقفها في اجازة مفتوحة حالياً، فقد غابت الحكمة وذهبت المروءة واختفى الصدق وضاع السنع وحضرت بدلاً عنها النذالة والسفاهة.. والتفاهة !
أما لماذا نتوقع أن تستمر؟!
أولاً : للتغطية على ما يحدث في أماكن أخرى من العالم حيث مؤامراتهم تنسج خيوطها لتقسيم اليمن وزعزعة أمن السودان وتدمير البنية التحتية لليبيا وتهديد تونس والصومال واستفزاز المغرب.. وغيرها..!
ثانيا : لضرب النسيج الاجتماعي في الخليج وإثارة القبائل التي وجهت لهم رسالة قوية وصدمة فورية بأنها «خط أحمر» لا تنفع معه مساومات أو مزايدات.
ثالثا : لتفريغ ما في بطونهم من ديدان وجراثيم وما تحت جلودهم من صديد وسموم خزّنوها طوال هذه السنين ويخفونها عن الأنظار.. وجاء الوقت ليظهروا ما بداخلهم ونسأل الله لهم الشفاء من الأمراض والطعن في الأعراض ومن الهلوسة والهوس.. ومس الشياطين.
وحتى نتوقف عند معلومة مهمة.. لابد من القول إن البحرين التي تلطم اليوم وتدعي المظلومية كانت عبارة عن «كشك» عمليات لتدبير محاولة انقلابية فاشلة في قطر عام 1996 بمشاركة دول الحصار أنفسهم الذين لم ينطق منهم رجل يعتز بمراجله ويعترف بهذه الحادثة المؤسفة والدخيلة على المجتمع الخليجي المتماسك أو يعتذر عنها.. كما لم ينطق منهم (هرم) ويقول عن أسباب تجسس الجار على جاره والتخطيط لتقويض أمنه واستقراره.
كما لم (يقرقش) منهم وزير ويذكر أسباب المشاركة في تدبير (4) انقلابات على دول عربية وإسلامية والحبل على الجرار.. والتحريض على الجيران بالمال السياسي على طريقة الدول المارقة!
لو فتحنا الملفات بأثر رجعي سنجد عليكم فضائح وبلاوي «ما تشيلها البعارين» ولا يستحملها «البقر» أو يستوعبها البشر.
وعلى طاري البقر تذكرت «العربية» و«سكاي نيوز» وكيفية اختيارهما للمواد التي تحللانها أو تركزان عليها.. فبعد المعدة.. جاء الدور على صحة البقرة وما يناسبها.. وكأنهم يشعرون بما يؤلمها أو يسعدها !
لكن قطر تترفع عن سقط القول وليس من طبعها النذالة والكل يعلم أن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قد أعلن في مؤتمر صحفي قبل (21) عاما أن قطر لديها أدلة على المتورطين في زعزعة الأمن والاستقرار.. ولكن لم يعلنها وقطر تجاوزت هذه المرحلة بكل معاني المرجلة وهذا من شيم الكبار.
وجميع ما يتطرقون له حاليا من أحداث ماضية مصبوغة بالفبركة والقرصنة لم يقدموا موضوعا واحداً مقنعا للشارع الخليجي أو العربي.. كما أنهم لم يقدموا مخالفة وحيدة لاتفاق 2014 الذي شهد مصالحة ومصارحة، ولا ما تم بعده، فعادوا الى الماضي.. والكلام الفاضي !
وقبل أن أنهي هذا المقال فليعذرني الصديق أبو حسام حمود سلطان لأني سأمسح رقمه من هاتفي حتى لا يتهموه بأنه قد طلب مني عقال «بوكراكيش» للعيد مما قد يفسر بأنه قد يستخدم لاحقا في الإرهاب وزعزعة الاستقرار.
كلمة حق
وأخيرا.. نختم بمثل ما بدأنا عن الرجل الصادق والواثق حمد بن خليفة العطية الذي يشهد له المواطن والمقيم.. الأرض والوطن.. القاصي والداني.. بأنه شخصية وطنية من طراز نادر أثره الطيب في كل شبر من أرض قطر، وسيرته العطرة في كل بيت، ومواقفه المشرفة محفورة في الذاكرة، والكل يعرف قدره وعطاءه وتفانيه من «الشيبان» والشباب.. وجميع شرائح المجتمع.. ويعمل بصمت بعيدا عن الأضواء.
والجميع يذكر كيف نجح في تخليص المواطنين المختطفين من براثن الاعتقال بعد أن تخلت عنا كثير من دول الجوار التي تغني بالشعارات فقط، ولا ننسى موقف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في تلك القضية إذ كان حريصا عليها وضاغطا على الطرف الآخر، وهذا ليس بغريب على سموه فهو أمير الإنسانية ونقول له: «بيّض الله وجهك دنيا وآخرة».
وختاما.. «بو خليفة» في غنى عن الاشادة وليس بحاجة لشهادة، فأفعاله وأخلاقه ومواقفه تتحدث عنه، ومن يسّرب ويفبرك عليه فالكذب يعود إليه.. والعيب منه وفيه.
.. مو هاللون.. ياهل دلمون .. وصلت فيكم تفبركون.. وعن الحق تصومون.. وفي رمضان «تجـّذبون»..!
بقلم : محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
copy short url   نسخ
19/06/2017
8328