+ A
A -
قد يكتشف العالم في قادم الأيام أنه كان محظوظا للغاية لأن رئيسا من «طبعة» دونالد ترامب تربع فوق الزر النووي الأكبر والأخطر حابسا معه أنفاس عواصم صنع القرار التي أدركت منذ اللحظة الأولى أنه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته وانفعالاته وقراراته.
ترامب الذي اعتاد الأضواء والنجوم لا يستطيع بحكم نمط حياته أن ينتظر سنوات طويلة لجني ثمار قراراته وخطواته الدبلوماسية والاقتصادية، فكما كان يخرج في نهاية حلقات برنامج الواقع الذي كان يلعب بطولته «ذا ابارنتس» كحكيم يقدم النصح لمن هم أصغر وأقل خبرة منه وكمنتصر دائما، فأنه في الواقع السياسي يتقمص نفس الدور، حيث يبدو حرصه الشديد على قطف ثمار جميع سياساته وقراراته آنيا وهو أمر يدرك كل من عمل في مجال السياسة والدبلوماسية أنه محال.
لقد اعتقد ترامب بسذاجة شديدة أن بوسعه إنهاء ملف القضية الفلسطينية فورا عبر صفقات أجراها مع قوى إقليمية وقرارات متسرعة أصدرها دون دراسة وافية، كما اعتقد أنه قادر على حسم ملف الخلافات الخليجية وملف العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا والصراع مع كوريا الشمالية في شبه القارة الكورية بكبسة زر.
في جميع الحالات لم يحصد ترامب سوى الفشل ولم يتمكن من تحقيق أي إنجاز داخلي أو خارجي يذكر بل على العكس بات الداخل والخارج ينظر إليه كعبء دبلوماسي ضخم وبات الجميع بانتظار عودته إلى منزله سواء عبر اعتباره غير مؤهل عقليا لتولي الحكم أو من خلال انتهاء فترة حكمه التي تبدو طويلة جدا على كل من يؤمن بالتعاون الدولي والحوار البناء بين الدول.
اليوم يدرك الشعب الأميركي والعالم بأسره الثمن الباهظ الذي يتم دفعه يوميا كثمن لاختيار شخص غير مؤهل ليكون رئيسا لأقوى دولة في العالم، فأميركا فقدت هيبتها والكثير من نفوذها الإقليمي، والملف الفلسطيني بدأ يتسرب من بين يديها ومعه ملفات لا تقل أهمية مثل الصراع في سوريا واليمن والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط ككل.
من سيأتي بعد ترامب قد يجد نفسه مشغولا في إصلاح ما أفسده هذا الرجل وسيكون مسكونا بهاجس محو ارثه السيئ والانخراط في عملية تغيير شكل الدبلوماسية الأميركية التي باتت تخلق من المشاكل أكثر مما تحل.
العالم الذي تعلم الكثير من تجربة ترامب سيكسر «القلل» خلفه حتما وهذه قد تكون بداية التغيير الجذري!
بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
17/01/2018
56728