+ A
A -
لم أرد أن أكتب عن حملة «كن معلما» التي أطلقتها منظمة «علم لأجل قطر» كحملة وطنية تستضيف خلالها الشخصيات البارزة في الدولة ليقوموا بالتدريس في صفوف مدارس قطر الحكومية والخاصة مع بدء انطلاقتها، ولكن فضلت أن أتريث قليلا لأتأمل ثمرات هذه الفكرة العبقرية التي لا تتفتق إلا عن ذهن سابق لعصره، وعقل مشغول بمستقبل هذا الوطن، وكيفية أن يزداد تفردا وتميزا، ولم يكن من سبيل إلى ذلك إلا بالتخلص من المشكلات الأساسية التي يواجهها التعليم في الوطن العربي كله وأولها أنه يقوم على مجرد الحفظ دون الفهم، وحشو معلومات لا ترتبط بالواقع سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو ثقافيا.. إلخ، وكانت النتيجة في كثير من الحالات تزويد الخريجين بعلم لا ينفع.
من خلال المتابعة تبين أن ثمرات هذه الحملة عديدة وجديدة، منها توسيع مدارك التلاميذ، واحتكاكهم المباشر بالنخب من الشخصيات الهامة الذين وصلوا إلى أعلى المراكز وغير ذلك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره، لكني أردت أن أتحدث عن واحدة من فوائد هذه الحملة ستكون في ميزان حسنات من أطلقها يوم القيامة وهي إعادة الاعتبار للمعلم وترميم صورته الجميلة التي شوهتها الأعمال الفنية من مسرحيات وأفلام ومسلسلات، وما أحدثته مسرحية مدرسة المشاغبين من إهانة المعلمين، وتصوير التلاميذ على أنهم مجموعة من المهرجين، والطعن في قدسية المدرسة، نعم لقد أتت على الصورة النمطية الجميلة التي كانت في أذهان آبائنا وأجدادنا للمعلمين والتلاميذ والمدارس فقلبتها رأسا على عقب، ومما زاد الطين بلة وزاد في الإقبال عليها أنها قدمت في قالب كوميدي وهو من القوالب الفنية المحببة لدى الجمهور، وحتى الآن لم يستطع أحد أن يجزم على وجه اليقين بالرسالة الحقيقية التي أراد فريق هذه المسرحية توصيلها، والقيم التربوية التي أراد ترسيخها، هل كانت نواياهم حسنة أم سيئة.
عندما يقوم عدد من الشخصيات البارزة في المجتمع بالإشراف على هذه الحملة وتبنيها والمشاركة فيها من وزن سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني مؤسس ورئيس مجلس إدارة منظمة «علم لأجل قطر» والرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر، وسعادة الدكتور خالد محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، وسعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة، وسعادة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني الرئيس التنفيذي للفيصل القابضة، وعدد من الشخصيات والقيادات البارزة لمؤسسات كبرى في الدولة، أقول عندما تقوم هذه الشخصيات ذات الثقل الحضاري والثقافي بهذا الدور تكون قد أجبرت خاطر المعلم وجعلته يمشي بين الناس رافعا رأسه مستحضرا مكانته التي جسدها أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته «قم للمعلم» وفيها يقول:
قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
سبحانك اللهم خيرَ معلِّم
علّمت بالقلم القرونَ الأولى
أخرجت هذا العقل من ظلماته
وهديته النور المبين سبيلا

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
21/01/2018
3073