+ A
A -
عواصم عماد فواز - زينب بومديان - خديجة بركاس - خديجة الورضي - نادية وردي
ندد سياسيون وحقوقيون عرب وأوروبيون بالاستفزازات الإسرائيلية والاعتداءات المتواصلة على الأماكن الدينية في القدس المحتلة وخاصة المسجد الأقصى، مؤكدين أن سياسة الاحتلال العدوانية من شأنها تأجيج مشاعر الشعب الفلسطيني والعربي والرأي العام الدولي، ونسف جهود السلام ووقف نزيف الدم في الأراضي المحتلة، مطالبين بتدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لوقف هذه الاستفزازات والاغتصاب المتكرر لأراضي وممتلكات الفلسطينيين والاستيطان غير الشرعي في الضفة الغربية والقدس، والاعتداء الوحشي على المدنيين العزل والمصلين في أماكن العبادة.
غضب عربي
وفي حديثه لـ الوطن أكد يوسف بالشكر، عضو الهيئة العليا لحزب الاتحاد الدستوري المغربي وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان المغربي سابقا، أن سياسات سلطات الاحتلال في القدس ضد المصلين المسلمين في المسجد الأقصى بشكل مستمر، «بلطجة» وانتهاك واضح للقانون الدولي، وإصرار على إشعال الأزمات واستفزاز الفلسطينيين بشكل مستمر، لتبرير الجرائم الوحشية ضدهم من قتل واعتقال تعسفي واغتصاب ممتلكات وتوسيع عمليات الاستيطان غير المشروعة في القدس والضفة الغربية، ومحاولات خبيثة لطمس الهوية الفلسطينية «إسلامية ومسيحية» في المدينة، دون أي اعتبار للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ولحق الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين حول العالم في مدينتهم المقدسة، وهو أمر مرفوض وينذر بكارثة إذا استمرت هذه الممارسات الوحشية دون تدخل ناجع لوقفها واستئناف عملية السلام القائم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، بوساطة أوروبية محايدة تراعي حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.
وقال عبد الحق العميري، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالرباط، إن السلطات الإسرائيلية تمادت في انتهاك المقدسات الدينية في القدس، وممارسة كل أنواع الانتهاكات في حق الفلسطينيين من قتل واعتقال جماعي، وهدم منازل واستيطان فج حتى الأطفال لم يسلموا من الغطرسة الإسرائيلية وأصبحوا ملاحقين ويتم التحقيق معهم في مراكز الشرطة، وسط سخرية شعبية دولية، والغريب أن المجتمع الدولي ما زال يشاهد في صمت هذه الانتهاكات والاعتداءات المكررة التي لا معنى لها إلا أنها سياسة تمهيدية لفرض صفقة القرن وطرد الفلسطينيين بشكل جماعي من بلادهم نحو مخيمات في سيناء والأردن، وهو أمر مرفوض وغير مقبول على المستوى الشعبي في كل الدول العربية والإسلامية، حتى ولو تواطأ بعض العرب، فالحق العربي والإسلامي والمسيحي في القدس باق وسيدافع عنه أصحابه إلى الأبد، وهذا الأمر واضح في مسيرات الغضب التي تنطلق كل يوم جمعة في العواصم العربية وخاصة المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس والأردن، ليؤكد العرب أن القدس باقية ولن تستطيع سلطات الاحتلال سلبها من أصحابها.
مطالب بالتدخل الدولي
وأكد لويس جان ديلون، الأمين العام المساعد للجنة الشؤون الخارجية بالحزب الاشتراكي والدبلوماسي الأسبق، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتبع سياسة النفس الطويل لسلب ممتلكات الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم قطعة قطعة معولة على صمت المنظمات الأممية والمجتمع الدولي المستمر منذ سنوات على هذه السياسة المتغطرسة، وهذا خطأ فادح سوف يدفع الإسرائيليون ثمنه غالياً قبل شعب فلسطين، فلا يمكن بأي حال من الأحوال إقامة دولة على أراض مغتصبة وممتلكات مسلوبة، هذا الشعب الفلسطيني لن يصمت، فسلطات الاحتلال تدفعهم نحو خيار وحيد وهو العنف، وإذا تمادت إسرائيل في هذه السياسة سوف يقوم الشباب اليائس بارتكاب أعمال انتحارية ما دام الموت مصيره على يد الجنود الإسرائيليين. لذا، على الإسرائيليين فهم طبيعة الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أكثر من نصف قرن متمسكاً بحقه الجغرافي والتاريخي في هذه الأرض، هذه الحقيقة يجب أن يدركها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومهندسو صفقة القرن داخل إسرائيل وخارجها، فالقتل والتعذيب وسلب الممتلكات لن يحقق لهم ما يسعون إليه ولن ينجحوا بهذه السياسة في فرض صفقة القرن.
وأوضح جان لوك بينوش، مدير عام منظمة «دزات سيفيك» لحقوق الإنسان بباريس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت خلال العامين الماضيين جرائم حرب في حق الفلسطينيين موثقة وموجودة في أدراج المؤسسات الأممية، من قتل مباشر وعن عمد لمئات الشباب بالرصاص الحي في القدس والضفة الغربية، وهدم المنازل دون سند قانوني أو حجة إدارية أو سبب أمني إلا الاستيطان غير المشروع والبلطجة المرتكزة على الدعم الأميركي، وفرض سياسة التجويع والحصار ووقف التمويل للبرامج التمويلية في تعمد واضح لتركيع الشعب الفلسطيني وإجباره على الرحيل قسراً وترك أرضه، في ظل غياب تام للمنظمات العربية والإسلامية، مثل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي واتحاد الدول الإسلامية، لكن الأمم المتحدة مطالبة بالتدخل الناجع والفوري لوقف هذه الانتهاكات المستمرة حفاظا على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وأيضا حفاظا على سمعة هذه المنظمة الأممية العريقة.
صمت مريب
وقال مانولو كارمونا، المتحدث باسم حزب العمال الإسباني، إن اقتحام جنود الاحتلال للمسجد الأقصى بشكل متكرر أمر مرفوض، ويعارض القوانين الدولية والمواثيق والمعاهدات التي تلزم سلطات الاحتلال باحترام أماكن العبادة وخاصة المسجد الأقصى وعدم الاعتداء على المصلين، ونرى أن صمت المؤسسات المعنية في الأمم المتحدة على تكرار هذه الانتهاكات أمر خطير ستكون عواقبه وخيمة على المنطقة بالكامل، فلا يجوز غلق المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين الأصحاب الحقيقيين له، خاصة في هذه الأيام المقدسة لدى المسلمين، وهي أيام أعياد وتكون حشود المصلين كبيرة، ما يعني أن سلطات الاحتلال تتعمد استغلال المناسبات لإشعال الأزمات وخلق المبررات لقمع الفلسطينيين والاعتداء عليهم بل وقتلهم، وهذا أمر نرفضه في إسبانيا ونطالب بالتدخل الدولي الفوري للضغط على سلطات الاحتلال لوقفه.
وأوضح أليكس كازابلانكاس، الدبلوماسي السابق في الاتحاد الأوروبي، أن الأوساط السياسية والحقوقية في إسبانيا وأوروبا أدانت الصمت المتعمد من جانب المقرر الأممي المعني بحرية الدين والمعتقد أحمد شهيد، والذي اتهمته منظمات حقوقية أوروبية ودولية، من بينها المرصد الأورومتوسطي، بالانحياز للمنهج الإسرائيلي ضد المصلين الفلسطينيين، وتجاهل الانتهاك الفج للحق في العبادة، مما أثار جدلاً واسعاً خلال اليومين الماضيين، وطالبت اتحادات حقوقية وأممية بتدخل فوري من جانب مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لحق المسلمين في حرية العبادة بالمسجد الأقصى، واتخاد موقف واضح مشرف تجاه الفلسطينيين والمسلمين في هذه المدينة المقدسة، والتخلي عن سياسة الصمت المريب التي لا تخدم أي طرف في هذه القضية، بل تزيد الوضع تعقيداً وعنفاً.
مشهد مثير للاشمئزاز
على الصعيد نفسه، وصفت دوريس مانتل، مديرة مركز «حرية العقيدة» لحقوق الإنسان في لندن، مشهد اقتحام عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى، الخميس، وعلى رأسهم وزير الزراعة في حكومة الاحتلال أوري ارئيل ترافقهم حماية قوات كبيرة من شرطة الاحتلال، بأنه مشهد مثير للاشمئزاز، ويؤكد للعالم أن حكومة الاحتلال عبارة عن عصابة من قطاع الطرق، لا يحترمون قانونا ولا حقوقا ولا معاهدات، وقيام مسؤول حكومي رفيع في حكومة الاحتلال بقيادة مجموعة من المتطرفين اليهود للتعدي على المصلين في المسجد الأقصى عار يجب أن تستنكره المنظمات الأممية والحكومات والاتحادات الدولية والإنسانية جمعاء، كونه يؤسس لسياسة العصابات وقطاع الطرق، ويهدد بنزيف دماء لا آخر له في حال استمرت هذه السياسات الفجة من جانب حكومة الاحتلال.
وشدد مايكل مور، عضو المكتب السياسي لحزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني، على ضرورة حماية دولية لحق الفلسطينيين في العبادة، وخاصة المسلمين الذين تمارس ضدهم أبشع أنواع العنصرية والاضطهاد الديني المستمر منذ العام 1967م، والعمل على عدم تكرار الانتهاكات الفجة التي ترتكبها سلطات الاحتلال دائما ضد المصلين الفلسطينيين في القدس بقيادة مسؤولين كبار مثل شارون الذي تسبب من قبل في انتفاضة دموية، واليوم يكرر الأمر نفسه وزير في الحكومة، وسبق أن تكرر هذا المشهد وسوف يتكرر ما دام الصمت الدولي هو السائد، وهو ما يجب أن لا يستمر إذا كانت هناك نية حقيقية لدى الأمم المتحدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل حقيقي وإحلال السلام في المنطقة.
عواقب وخيمة
وقال توماس ليسينغ، مدير جمعية «فرانكوفورت توتي» لحقوق الإنسان ببرلين، إن الصمت عن تصاعد حمى الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى أدى إلى مطالبة سلطات الاحتلال بفجاجة تغيير الوضح الراهن للمسجد الأقصى وسيطرة إسرائيل عليه بشكل كامل، وهو أمر خطير للغاية وسوف يؤدي إلى كارثة حقيقية، وليس إلى مكاسب انتخابية يسعى المسؤولون الإسرائيليون إلى تحقيقها خلال موسم الانتخابات الحالي، لكسب ود الجماعات التلمودية والتوراتية المتطرفة، فهؤلاء المسؤولون يلعبون بالنار ولا يدركون حجم المخاطر التي يدفعون المطقة بالكامل إليها، لأن تغيير الوضع داخل المسجد الأقصى لن يكون هيناً، خاصة لو نفذت السلطات الفلسطينية قراراتها المتعلقة بوقف التعامل بالاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يعني العودة للمربع صفر، وخسارة فادحة لإسرائيل، لا سيما أن إسرائيل لا تمتلك الحق في تغيير الواقع في المسجد الأقصى، وكذلك لا تملك أي حق قانوني في أي جزء من القدس الشرقية استناداً لبنود القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة رقم 242 لعام 1967، و338 لعام 1973، و478 لعام 1980، وبالتالي فإن هذه الممارسات بائسة، وهدفها كسب أصوات التيارات المتطرفة في الانتخابات المقبلة، وهي لعبة سياسية انتهازية وغبية لا تصب في مصلحة الطرفين.
واختتم مان يوهان، الأمين العام المساعد لمنظمة «راتيسبون» لحقوق الإنسان ببرلين، بالتأكيد على أن الوضع في مدينة القدس المحتلة مقلق للغاية، وهو ما يستوجب ضرورة تحرك أممي ودولي سريع لوقف هذا التصعيد المتعمد من جانب سلطات الاحتلال، والاستهداف المتزايد للمواطنين العزل بالرصاص الحي في القدس المحتلة والضفة الغربية، والاعتقال التعسفي الظالم الذي يخالف القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، وينسف أي أمل في استئناف عملية السلام، ما ينذر بعواقب وخيمة على الجميع.
copy short url   نسخ
17/08/2019
1022