+ A
A -
إعداد - محمد الجزار
كشف الفيديو المتداول قبل أيام في السوشيال للنجم السنغالي ساديو ماني في تصرفه بقلب ملعب «فودافون آرينا» في اسطنبول مع الصبي جامع الكرات، أثناء جلوسه على دكة الاحتياطي عندما أهداه قميصه بدون تفكير، وعانقه بشكل عفوي عن شخصية متواضعة للغاية لنجم عالمي أثارت إعجاب مشجعيه بوجه عام، وعشاق ليفربول بوجه عام.
ماني أعطى بهذه اللقطة السريعة درساً جديدا في الأخلاق والإنسانية، بإظهار المعنى الحرفي لكلمة «تواضع النجم».
النجم النسغالي تألق في مباراة كأس السوبر الأوروبي التي توج بها ليفربول، فأنهى معاناة اللاعبين الأفارقة مع هذا اللقب، بتسجيل هدفين في مرمى تشيلسي، ليصبح أول أفريقي يسجل في بطولة المباراة الواحدة، منذ أن فعلها المالي فردريك كانوتيه بقميص إشبيلية في مرمى برشلونة قبل 13 عامًا.
انطباعات رائعة
لم يكن هذا الفيديو هو الأول وربما لن يكون الأخير لساديو ماني الذي يقدم كل يوم انطباعا رائعا عن الشاب المسلم، صاحب الأخلاق العالية، والتواضع الجم، ويرسم أيضا صورة مميزة عن الإسلام بتسامحه وأخلاقيات المسلمين الرفيعة من تسالمهم وحبهم للآخر.
ففي السابق، ظهر ساديو ماني أيضا في مقطع فيديو آخر انتشر انتسارا واسعا خلال قيامه بتنظيف مرحاض أحد المساجد المحلية في مدينة ليفربول ونال الفيديو استحسان الجميع، جعل صحيفة الديلي ميل البريطانية تتساءل قائلة: (ما الذي يدفع ساديو ماني المليونير الذي يحصل على 90 ألف باوند أسبوعيا لأن ينظف حمام مسجد؟)، أجابت الصحيفة قالت: إنه الولاء للإسلام.
تواضع وعدم تكبر
ما فعله ساديو ماني يعد عملا عظيما أثابه الله عليه خير الجزاء، لأن ماني بحركة بسيطة أظهر للإنجليز مدى عظمة الشخص المسلم وعدم تكبره، وإنه كلما تواضع زاده الله من خيره ومن فضله.
الديلي ميل أكدت أن ماني مسلم متدين ويحتفل بالأهداف عن طريق أداء السجود ولا يتناول الخمور والمسكرات ووالده إمام مسجد في قرية بامبالي الصغيرة، بامبالي في جنوب السنغال والكثير من زوار الصحيفة بدأوا يستفسرون عن الإسلام ويحاولون معرفة الكثير عنه بعد تكرار مشاهد سجود اللاعبين المسلمين في الملاعب الإنجليزية، ومنهم محمد صلاح وساديو ماني أيضا.
بداية الرحلة
ساديو ماني لمن لا يعرفه، ولد في العاشر من إبريل عام 1992 في مدينة تحمل اسما قريبا من اسمه، وهي مدينة «سيديو» الصغيرة الذي تقع على نهر «كازامانس» في السنغال، والتي يقطنها ما يزيد عن 24 ألف نسمة فقط.
منذ أن كان طفلا في الثالثة من عمره، كان يحب لعب كرة القدم في الشارع، في أي وقت يجد فيه أطفالا يلعبون الكرة كان يجري ليشاركهم دون تفكير.
لكن الأمر لم يكن سهلاً، فأسرة ساديو ماني التي كانت تهتم بأمور الدعوة الإسلامية كانت ترغب في أن يواصل ابنها الصغير بالسير في نفس الطريق، وألا يشغل نفسه بممارسة كرة القدم.
فقط عمه وقف بجانبه وأقنع والده أن يترك ابنه يتبع حلمه وشغفه، قبل أن يكمل عامه الـ 11 وصل ساديو مع عمه إلى العاصمة داكار ليدخل اختبارات إحدى أكاديميات الكرة «ميتز»، قبل أن يتم تصعيده إلى الفريق الأول موسم 2011/‏2012 وقتها كان بلعب بدوري الدرجة الثانية.
أضواء النجومية
مهارة ساديو ماني لفتت أنظار مسؤولي نادي «ريد بل سالزبورج» النمساوي ليضمه إلى صفوفه في أغسطس 2012 مقابل 4 ملايين يورو. بعد فوزه في الدوري النمساوي وكأس النمسا في عام 2014 وقّع مع ساوثهامبتون الإنجليزي.
وفي عام 2015 حقق ماني رقمًا قياسيًا جديدًا في الدوري الإنجليزي الممتاز لأسرع هاتريك عندما سجل ثلاثة أهداف في 176 ثانية خلال مباراة الفوز على أستون فيلا 6–1. انتقل بعدها إلى ليفربول في عام 2016 مقابل 34 مليون جنيه إسترليني، ليصبح أغلى صفقة انتقال للاعب أفريقي في التاريخ في ذلك الوقت.
منذ انضمامه إلى ليفربول، حقق ماني العديد من الإنجازات من أهمها على المستوى الجماعي الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2018، حصل على جائزة الحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي الممتاز «بالمناصفة» مع صلاح وابوباميانج برصيد 22 هدفا، وكان جزءًا من فريق ليفربول الذي فاز في نهائي دوري أبطال أوروبا 2019 ثم كأس السوبر قبل أيام قليلة.
حكايات أمم أفريقيا
في بطولة أمم أفريقيا الأخيرة، كسب ماني قلوب وعقول المصريين منذ الوهلة الأولى التي وطأت فيها قدماه أرض الفراعنة من خلال تصرفاته الرائعة مع محبيه، لدرجة جعلته ظاهرة تكتسب كل يوم مزيدا من الشعبية.
لفتة إنسانية رائعة نال بها الاعجاب عندما قام بربط حذاء أحد الأطفال الذين يصطحبهم اللاعبون أثناء الدخول إلى ملعب مباراة بنين في دور الثمانية ببطولة كأس الأمم الأفريقية، ليضرب مثالاً يحتذى به في التواضع والرقي في التعامل.
ولقطة ماني مع الطفل صاحب الحذاء لم تكن الأولى له في الدفاع عن القيم الإنسانية الفاضلة التي تعد من أهم المهمات الدعوية في حياة كل إنسان يجب أن يتحلى بها.
حلم صحفي كفيف
استطاع الفتى الأسمر، أن يرسم البسمة من جديد على شفاه متطوع كفيف مصري صحفي، بعدما قام بإجراء حوار معه، وقال بعدما أجرى الحوار: «حواري مع ماني كان بالنسبة لي حلما وتحقق»، لتكن هذه المشاهد ضمن الأبرز في البطولة التي يصعب على التاريخ أن يتغافل عنها عندما تدون في ملحمة ماني الأخلاقية. وفي الوقت الذي يتعمد بعض اللاعبين المشاهير إخفاء قيمهم وإراداتهم وتصوراتهم خلف الألفاظ والعبارات بسبب الخوف من عدسات المصورين أو الظهور بشكل لا يليق مع نجوميتهم، يأتي ماني ليعطي لهم درسًا في كيفية التعلم من القيم الإسلامية التي تتحدث بأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من الكبر. بشاشة الوجه دليل على صفاء النفس، وهي الصفة التي يظهر فيها ماني عندما تتهافت عليه العدسات من أجل التقاط صور له مع المعجبين، حيث لم يظهر متكبرًا أو نجده يزحف بخطوات سريعة نحو الخروج من الباب الضيق للاعبين لعدم إيقافه من قبل الجماهير.
درس في الإيمان
علق ماني على التهديدات التي روجها مشعوذ من بنين، في حال مشاركته مع السنغال في مباراة ربع نهائي كأس الأمم الأفريقية 2019، عندما هدد المشعوذ البنيني ساديو مانيه بالموت في حالة المشاركة أمام بلاده بربع نهائي كأس الأمم الإفريقية المقامة في مصر.
وعلق مانيه على هذه التهديدات لموقع 24 جور الفرنسي قائلًا: «نشأت على يقين بأن الموت بيد الله فقط، وأؤمن بأن أعمار البشر لا تقدم ولا تؤخر، وسأشارك في لقاء الليلة، وإذا رحلت فسيكون هذا الساحر وسيلة فقط لأمر الله فلا تنخدعوا به».
كلمات من ذهب
كلام ساديو ماني في مؤتمر صحفي لما سألوه عن بلاده وعن الشعب السنغالى:“أنا فقط لاعب كرة قدم محظوظ، الكثيرون في بلادي أفضل مني، لكن لم تسنح لهم الفرصه بعد أن يذهبوا إلى نادٍ كبير مثلي أو حتى الذهاب إلى أوروبا.
وأضاف: «أعتقد أنني لا أقدم شيئا مميزا للغاية حتى الآن، وفي بلادي من هم يستحقون الدعم أيضا، لدينا أطباء ومعلمون في السنغال ماهرون جدا في عملهم، والشعب السنغالى شعب مميز جدا يعشق كرة القدم ولديه ثقافته الخاصه، قد تجد هناك رجلا لا يملك أي شيء، لكنه مميز ومثقف ويقرأ كثيرا، سيدات بلادي مازلن يعانين من الكثير، لكنهن صامدات».
وتابع قائلا: «أتمنى لو كنت يوما مسؤولا حكوميا في السنغال، كنت سأقوم بالكثير من العمل من أجلهم، أتمنى لهم الخير، ودائما سأعمل من أجل مساندتهم ومساعدة بلادي على تخطي الصعاب».
copy short url   نسخ
17/08/2019
6047